هذا المقال سأخصصه ليس بالضرورة لإبراز الإحتمال
المستحيل لظهور أي نوع من البروتين عن طريق الصدفة، لأن نتائج الحسابات الاحتمالية
موجودة بوفرة في الكتب الخاصة بتفنيذ الإلحاد و نظرية التطور من منظور الكيمياء
الحيوية. و لكنني سأعمل على تبسيط كيفية القيام بتلك الحسابات المعقدة نسبيا إلى أن تصير في المتناول إن شاء الله بعد الإطلاع على طريقة القيام بالحسابات.
أولا و قبل كل شيء، إسمح لي بتوضيح بعض الأمور و
المفاهيم الخاصة بالحسابات الإحتمالية لأنني دائما ما أرى تهور بعض الأفراد في
استعمال بعض المصطلحات الاحتمالية دون مراعاة نسبها و أخص بالذكر هنا مصطلحين
اثنين: ممكن و مستحيل. فعندما نود مناقشة احتمالية حدوث أو وقوع أمر ما فلا يجدر
بنا التسرع في استعمال هذان اللفظان دون امتلاك معطيات حسابية دقيقة، لأننا عادة
ما نغفل وجود مصطلحين آخرين يمكنهما قلب المعادلة و هما: محتمل و غير محتمل، ليكون
الترتيب النهائي كما يلي: ممكن، محتمل، غير محتمل، و مستحيل. أما اختيار أحد هته
المصطلحات فيكون عن طريق الاحتمالات النسبية، مثلا: عندما نقول أن نسبة وقوع شيء
ما توجد عند حدود 50 في المئة فهذا يعني أن هذا الأمر ممكن الوقوع (بالضبط كما هو
الحال عند رمي عملة نقدية ذات وجهين اثنين، أي لدينا خيار واحد بين خيارين اثنين)،
و هكذا عندما تكون النسبة أقل نسبيا من النصف، أي عند حدود 20 أو 25 في المئة أو
حتى أكثر فإننا نتحدث عن أمر محتمل الوقوع، أما عندما نتحدث عن نسب ضئيلة جدا ك 5
أو حتى 0,5 في المئة فإننا نتحدث هنا عن أمر غير محتمل الحدوث، و أخيرا، عندما
تكون النسبة مطلقة، أي 0 في المئة فقط حينها يمكننا
الحديث عن المستحيل.
نمر الآن للنقطة التالية و لكيفية القيام بعملية
الحسابات الاحتمالية الخاصة بظهور بروتين عن طريق الصدفة، أما الذين ليس لهم أي دراية بماهية البروتينات و ووظائفها الحيوية في الحياة فأنصحهم بمراجعة المقال
الذي سبق و نشرته على المدونة و هو عبارة عن ترجمة لفقرة خاصة عن البروتينات
منقولة من الكتاب الشهير "صندوق داروين الأسود" لعالم الكيمياء الحيوية
مايكل بيهي (اضغط هنا لقراءة المقال). أما الآن فمن الضروري التذكير بأن
البروتينات جميعها تتكون من سلسلة من الأحماض الأمينية و هته الأحماض بدورها تتكون
من عشرين نوعا، و اختلاف تمركز هته الأنواع العشرين داخل السلسلة البيبتيدية هو ما
يمنحنا العدد اللامتناهي من أنواع البروتينات، بالضبط كما هو الحال بالنسبة للحروف
الأبجدية التي تتشكل منها اللغة بحيث تمكننا من كتابة عدد لا متناهي من الكلمات و
الجمل و الفقرات. فتموضع الحروف داخل الكلمة هو ما يعطيها شكلها و بالتالي معناها
النهائي. إذن فالرقم الأساسي هنا بالنسبة لنا هو الرقم 20، أي عدد -و ليس مجموع- أنواع
الأحماض الأمينية التي تتسلسل فيما بينها لتعطينا بروتين معين. أما عدد الأحماض
الأمينية التي يمكن أن تتوفر في بروتين واحد فقط فهي بين 100 و 3000 حمض أميني، أي
عشرين نوعا من الأحماض الأمينية مترابطة في سلسلة معينة وفق ترتيب و عدد معين
لتعطينا بروتينا واحدا.
إذن فنحن الآن نحتاج إلى معطيين اثنين أساسيين حتى يتسنى
لنا البدء بعملية الحسابات الإحتمالية: عدد أنواع الأحماض الأمينية (و هو لا يتغير
أي 20)، و عدد الأحماض الأمينية الموجودة داخل البروتين الذي نحن بصدد حساب
احتمالية تشكله عن طريق الصدفة (كما سبق و أشرت غالبا ما يكون بين 100 و 3000).
كل ما سنحتاجه الآن للبدء بعملية الحساب هو تحديد المعطى
الثاني، أي: عدد الأحماض الأمينية الموجودة داخل البروتين الذي نحن بصدد حساب
احتمالية تشكله عن طريق الصدفة (إذا كنت بصدد مجادلة ملحد من الأفضل أن تدعه يختار
الرقم الذي يريد و أن يحدد البروتين الذي يريد حتى يصاب في الأخير بالسكتة القلبية
و حينها لن تكون أنت السبب في وفاته ههه)، أما أنا فسأختار الرقم 335 لأنه يذكرني
بزميلي الملحد الذي انصرف باكيا بعد رؤية النتيجة النهائية الصادمة أمام عينيه.
فلكي
يتشكل أي بروتين ما فهناك شروط ثلاث يجب أن تتوفر و إلا سوف لن تقوم للحياة قائمة،
و أول هذه الشروط:
1- أن تكون جميع الأحماض الأمينية داخل السلسلة البروتينية
من النوع الصحيح و مرتبة وفق الترتيب الصحيح أيضا: أي احتمالا واحدا بين 20 احتمال
(هو عدد أنواع الأحماض الأمينية) مرفوع إلى الأس 335: 1/20335، و هو ما يساوي1/10435
.
(أصعب محطة في عملية الحساب هته هي كيفية تحول الأس من 335 إلى 435 عند تغيير
الإحتمال 20 إلى 10 و هو ما سأشرحه بشكل مفصل ودقيق في آخر المقال)
2- أن تكون جميع الأحماض الأمينية عسراء و ليست يمناء (فكل
حمض أميني يتوفر على شكل أعسر و آخر أيمن كما هو الحال بالنسبة لشكل اليدين) فوجود
حمض أميني يميني واحد سيتسبب في إتلاف البروتين ككل. إذا فنحن أمام احتمال واحد
بين اثنين كمن يرمي قطعة نقدية ذات وجهين اثنين في الهواء. فماذا يعني ذلك؟ يعني
أن ترمي قطعة نقدية 335 مرة في الهواء و تسقط دائما على نفس الوجه و لا مرة واحد
على الوجه المقابل. أما المعادلة فهي كالآتي: 1/2335، أي 1/10100.
(لا تقلق عزيزي القارئ، سأشرح في
آخر المقال كيف حولنا الأس 335 إلى 100 عند تغيير الاحتمال من 2 إلى 10)
3- أن تمتزج جميع الأحماض الأمينية في رابطة بيبتيدية خاصة،
و احتمالية حدوث هذه الرابطة الكيميائية هو 50 %أي
1/2334،
أي 1/10100. (يجب نقص عدد واحد 334 عوض 335 و
هو نقطة التقاء الرابطة البيبتيدية).
و الآن نقوم بضرب النتائج الثلاثة التي حصلنا عليها لكي تعطينا النتيجة النهائية:
1/10435 X 1/10100 X
1/ 10100 = 1/10635
أي الرقم 1 متبوع ب 635 صفر !!!!
100000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
ففي علم الرياضيات، إذا فاق احتمال ما
السبعين أي 1/1070فإن الإحتمال يعتبر عمليا مستحيل، فما بالك ب 635؟؟؟
للتذكير فقط، فإن أول كائن حي ظهر على وجه
الأرض كان سيحتاج على الأقل إلى أزيد عن 250 بروتين للبقاء على قيد الحياة و
جميعها يجب أن تتواجد في نفس التوقيت و في نفس المكان و جميعها عن طريق الصدفة.
فتخيل.
أصعب ما يمكن أن يواجهه الأشخاص الغير الملم بعلم
الرياضيات هو كيفية حساب تحويل1/20335 إلى 1/10435، أي تحويل الرقم 20 إلى 10 و الأس 335 إلى 435.
فلنضع الصيغة التالية:
20335=10z
فما نحن بصدد البحث عنه الآن هو العدد
المجهول Z، لذا يجب الاستعانة
بآلة حاسبة كبيرة متوفرة على محرك االبحث Google:
Ln (20335) = ln (10z)
335 x ln20 =
Z x ln10
Z = 335 x ln20 / ln10
Z = 435
لنعد نفس العملية الآن مع الشرط الثاني: كيف
صار تحويل الرقم 2 إلى 10 و الأس 335 إلى 100.
فلنضع الصيغة التالية:
2335 = 10z
Ln (2335) = ln (10z)
335 x ln2 =
Z x ln10
Z = 335 x ln2 / ln10
Z = 100
أتمنى أن أكون قد أفدت الجميع و أسأل الله الهداية لكل ملحد
أو متشكك باحث عن الحق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق