الجمعة، 28 يوليو 2017

ظهور البروتينات عن طريق الصدفة و الاحتمال المستحيل. شرح مبسط جدا لطريقة حساب الإحتمالية


 هذا المقال سأخصصه ليس بالضرورة لإبراز الإحتمال المستحيل لظهور أي نوع من البروتين عن طريق الصدفة، لأن نتائج الحسابات الاحتمالية موجودة بوفرة في الكتب الخاصة بتفنيذ الإلحاد و نظرية التطور من منظور الكيمياء الحيوية. و لكنني سأعمل على تبسيط كيفية القيام بتلك الحسابات المعقدة نسبيا إلى أن تصير في المتناول إن شاء الله بعد الإطلاع على طريقة القيام بالحسابات.

أولا و قبل كل شيء، إسمح لي بتوضيح بعض الأمور و المفاهيم الخاصة بالحسابات الإحتمالية لأنني دائما ما أرى تهور بعض الأفراد في استعمال بعض المصطلحات الاحتمالية دون مراعاة نسبها و أخص بالذكر هنا مصطلحين اثنين: ممكن و مستحيل. فعندما نود مناقشة احتمالية حدوث أو وقوع أمر ما فلا يجدر بنا التسرع في استعمال هذان اللفظان دون امتلاك معطيات حسابية دقيقة، لأننا عادة ما نغفل وجود مصطلحين آخرين يمكنهما قلب المعادلة و هما: محتمل و غير محتمل، ليكون الترتيب النهائي كما يلي: ممكن، محتمل، غير محتمل، و مستحيل. أما اختيار أحد هته المصطلحات فيكون عن طريق الاحتمالات النسبية، مثلا: عندما نقول أن نسبة وقوع شيء ما توجد عند حدود 50 في المئة فهذا يعني أن هذا الأمر ممكن الوقوع (بالضبط كما هو الحال عند رمي عملة نقدية ذات وجهين اثنين، أي لدينا خيار واحد بين خيارين اثنين)، و هكذا عندما تكون النسبة أقل نسبيا من النصف، أي عند حدود 20 أو 25 في المئة أو حتى أكثر فإننا نتحدث عن أمر محتمل الوقوع، أما عندما نتحدث عن نسب ضئيلة جدا ك 5 أو حتى 0,5 في المئة فإننا نتحدث هنا عن أمر غير محتمل الحدوث، و أخيرا، عندما تكون النسبة مطلقة، أي 0 في المئة فقط حينها يمكننا 
الحديث عن المستحيل.

نمر الآن للنقطة التالية و لكيفية القيام بعملية الحسابات الاحتمالية الخاصة بظهور بروتين عن طريق الصدفة، أما الذين ليس لهم أي دراية بماهية البروتينات و ووظائفها الحيوية في الحياة فأنصحهم بمراجعة المقال الذي سبق و نشرته على المدونة و هو عبارة عن ترجمة لفقرة خاصة عن البروتينات منقولة من الكتاب الشهير "صندوق داروين الأسود" لعالم الكيمياء الحيوية مايكل بيهي (اضغط هنا لقراءة المقال). أما الآن فمن الضروري التذكير بأن البروتينات جميعها تتكون من سلسلة من الأحماض الأمينية و هته الأحماض بدورها تتكون من عشرين نوعا، و اختلاف تمركز هته الأنواع العشرين داخل السلسلة البيبتيدية هو ما يمنحنا العدد اللامتناهي من أنواع البروتينات، بالضبط كما هو الحال بالنسبة للحروف الأبجدية التي تتشكل منها اللغة بحيث تمكننا من كتابة عدد لا متناهي من الكلمات و الجمل و الفقرات. فتموضع الحروف داخل الكلمة هو ما يعطيها شكلها و بالتالي معناها النهائي. إذن فالرقم الأساسي هنا بالنسبة لنا هو الرقم 20، أي عدد -و ليس مجموع- أنواع الأحماض الأمينية التي تتسلسل فيما بينها لتعطينا بروتين معين. أما عدد الأحماض الأمينية التي يمكن أن تتوفر في بروتين واحد فقط فهي بين 100 و 3000 حمض أميني، أي عشرين نوعا من الأحماض الأمينية مترابطة في سلسلة معينة وفق ترتيب و عدد معين لتعطينا بروتينا واحدا.
إذن فنحن الآن نحتاج إلى معطيين اثنين أساسيين حتى يتسنى لنا البدء بعملية الحسابات الإحتمالية: عدد أنواع الأحماض الأمينية (و هو لا يتغير أي 20)، و عدد الأحماض الأمينية الموجودة داخل البروتين الذي نحن بصدد حساب احتمالية تشكله عن طريق الصدفة (كما سبق و أشرت غالبا ما يكون بين 100 و 3000).

كل ما سنحتاجه الآن للبدء بعملية الحساب هو تحديد المعطى الثاني، أي: عدد الأحماض الأمينية الموجودة داخل البروتين الذي نحن بصدد حساب احتمالية تشكله عن طريق الصدفة (إذا كنت بصدد مجادلة ملحد من الأفضل أن تدعه يختار الرقم الذي يريد و أن يحدد البروتين الذي يريد حتى يصاب في الأخير بالسكتة القلبية و حينها لن تكون أنت السبب في وفاته ههه)، أما أنا فسأختار الرقم 335 لأنه يذكرني بزميلي الملحد الذي انصرف باكيا بعد رؤية النتيجة النهائية الصادمة أمام عينيه.

 فلكي يتشكل أي بروتين ما فهناك شروط ثلاث يجب أن تتوفر و إلا سوف لن تقوم للحياة قائمة، و أول هذه الشروط:

1- أن تكون جميع الأحماض الأمينية داخل السلسلة البروتينية من النوع الصحيح و مرتبة وفق الترتيب الصحيح أيضا: أي احتمالا واحدا بين 20 احتمال (هو عدد أنواع الأحماض الأمينية) مرفوع إلى الأس 335: 1/20335، و هو ما يساوي1/10435 .

 (أصعب محطة في عملية الحساب هته هي كيفية تحول الأس من 335 إلى 435 عند تغيير الإحتمال 20 إلى 10 و هو ما سأشرحه بشكل مفصل ودقيق في آخر المقال) 

2- أن تكون جميع الأحماض الأمينية عسراء و ليست يمناء (فكل حمض أميني يتوفر على شكل أعسر و آخر أيمن كما هو الحال بالنسبة لشكل اليدين) فوجود حمض أميني يميني واحد سيتسبب في إتلاف البروتين ككل. إذا فنحن أمام احتمال واحد بين اثنين كمن يرمي قطعة نقدية ذات وجهين اثنين في الهواء. فماذا يعني ذلك؟ يعني أن ترمي قطعة نقدية 335 مرة في الهواء و تسقط دائما على نفس الوجه و لا مرة واحد على الوجه المقابل. أما المعادلة فهي كالآتي: 1/2335، أي 1/10100.

(لا تقلق عزيزي القارئ، سأشرح في آخر المقال كيف حولنا الأس 335 إلى 100 عند تغيير الاحتمال من 2 إلى 10)

3- أن تمتزج جميع الأحماض الأمينية في رابطة بيبتيدية خاصة، و احتمالية حدوث هذه الرابطة الكيميائية هو 50  %أي 1/2334، أي 1/10100. (يجب نقص عدد واحد 334 عوض 335 و هو نقطة التقاء الرابطة البيبتيدية).

و الآن نقوم بضرب النتائج الثلاثة التي حصلنا عليها لكي تعطينا النتيجة النهائية:


1/10435    X   1/10100   X   1/ 10100    =   1/10635
أي الرقم 1 متبوع ب 635 صفر !!!!
100000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
ففي علم الرياضيات، إذا فاق احتمال ما السبعين أي   1/1070فإن الإحتمال يعتبر عمليا مستحيل، فما بالك ب 635؟؟؟

للتذكير فقط، فإن أول كائن حي ظهر على وجه الأرض كان سيحتاج على الأقل إلى أزيد عن 250 بروتين للبقاء على قيد الحياة و جميعها يجب أن تتواجد في نفس التوقيت و في نفس المكان و جميعها عن طريق الصدفة. فتخيل.  
أصعب ما يمكن أن يواجهه الأشخاص الغير الملم بعلم الرياضيات هو كيفية حساب تحويل1/20335   إلى 1/10435، أي  تحويل الرقم 20 إلى 10 و الأس 335 إلى 435.

فلنضع الصيغة التالية:

20335=10


فما نحن بصدد البحث عنه الآن هو العدد المجهول Z، لذا يجب الاستعانة بآلة حاسبة كبيرة متوفرة على محرك االبحث Google:
Ln (20335) = ln (10z)
335  x  ln20 =  Z x ln10
Z = 335 x  ln20 / ln10
Z = 435



لنعد نفس العملية الآن مع الشرط الثاني: كيف صار تحويل الرقم 2 إلى 10 و الأس 335 إلى 100.

فلنضع الصيغة التالية: 

2335 = 10z                                                 

Ln (2335) = ln (10z)      

335  x  ln2 =  Z x ln10
Z = 335 x  ln2 / ln10
Z = 100


أتمنى أن أكون قد أفدت الجميع و أسأل الله الهداية لكل ملحد أو متشكك باحث عن الحق.




الأربعاء، 30 مارس 2016

هل من دليل على يوم الحساب؟ نعم، إنها الحرية!!


كما هو معلوم، فإن كل نقاش يدور حول موضوع من موضوعات الغيب إلا و تطرق إلى أذهاننا ضرورة إلغاء العقل و المعارف الحسية لأن وجود حياة أخرى أبدية بعد الموت لا يمكننا استنباطه أو الإستدلال عليه عن طريق التجربة الحسية الدقيقة أو عن طريق شهادات الموتى، فلم يسبق لأحد أن رجع إلينا من ذلك العالم الغامض المليء بالأسرار، مما زاد من حيرة التائهين و ضلال المتشككين و هذا ما دفع بعضهم إلى القول بأن يوم الحساب إن هو إلا أساطير الأولين أكتتبتها الأديان فهي تملى عليه بكرة و أصيلا، و دفع البعض الآخر من المؤمنين إلى القول بضرورة إلغاء العقل و التحلي بالإيمان فقط لأن العقل محدود و قاصر على أن يدرك ما لا تدركه الحواس و العلوم. و سبب كتابة هذا المقال كان هو نقاشي مع أحد زملائي المتشككين حيث سألني هل من دليل على يوم الحساب، فكان جوابي الأول و الأخير: إنها الحرية.

إن أعظم خصائص الإنسان و أجلها و أقواها هي تلك الحرية التي أودعها الله في قلب كل واحد منا، فبها نحيا، و بها نموت، و بفضلها تزدهر الفلسفات و تتطور العلوم، لولا الحرية لصار الرأي رأيا واحدا و لصارت العلوم حكرا على طائفة من الذين أوتوا القوة و الجاه، لولا الحرية لصرنا قطيعا من الحيوانات أو لصرنا آلة من آلات الإنتاج في يد غيرنا يقلبنا كيف يشاء. فما قامت الحروب و السجون و المحاكم و المظاهرات و المنظمات الحقوقية و الإنسانية إلا دفاعا عن هذه القيمة الغالية على النفس البشرية ألا و هي الحرية.
و من هنا سأتطرق إلى الحديث عن الحرية من عدة نواح حتى نصل في الأخير إلى مدا ارتباطها ارتباطا وثيقا بيوم الدين:

1 – الحرية نقطة فاصلة بين الإنسان و الحيوان:
لطالما راج بين الناس كافة أن أهم ما يميز الإنسان عن سائر الحيوان هو العقل أو النطق، و هذا صحيح و لكن هناك ما هو أعمق بكثير من ذلك و هو الحرية، فسلوك الحيوان يعتبر سلوكا فطريا غريزيا لا يخضع لمبدأ أخلاقي و لا يقوم على أساس الاختيار، فالأسد حينما يجري وراء غزالة ليفترسها فهو هنا لا يعتبر ذلك خيرا أم شرا لأن المتحكم في سلوكه هذا هو الغريزة التي أودعها الله تعالى فيه و لا وجود هنا لحرية اختيار أو لمبدأ أخلاقي إنساني، فهل يحق لنا هنا محاسبة الأسد عن فعلته هذه؟ سيتهم الإنسان حينها بالسخافة و الحماقة إن أقام محكمة لمحاسبة الأسد عن أفعاله الشرسة في حق الحيوانات الأخرى.

2- لم نلوم الإنسان؟
 إلا أن الأمر يختلف اختلافا كاملا عند الإنسان الذي نصبت المحاكم لأجله و وضعت القوانين لضبط سلوكياته، لأن الأمر هنا لا يتعلق بكائن بسيط مقيد بغريزة متسلطة قاهرة تتحكم بغرائزه و نزواته و إنما بكائن ذو تركيبة معقدة و روح عميقة قوامها الأخلاق و أساسها الحرية. فلو ترك الإنسان أسدا في بته ثم التهم ذلك الأسد طفله الصغير، فهل سيحاسب الأسد على فعلته هذه؟ إن أول من سيحاسب هو ذلك الإنسان الأبله الذي سمح بوجود الأسد في بيته رفقة ابنه.

دعنا من مثال الأسد و لننظر إلى أبسط الأمثلة في حياتنا الإجتماعية، فماذا لو علمت بكذب صديقك عليك؟ ماذا لو علمت بخيانة أقرب الناس لك؟ ماذا لو تعرضت للنصب و الاحتيال من طرف شخص ما؟ ماذا لو نقض أحد الشركاء العهد معك؟ ماذا لو كان قاتل طفلك الصغير جارك و ليس الأسد؟ أستقف مكتوف الأيدي تحاسب نفسك أنت أم ستحاسب ذلك الإنسان كل حسب ذنبه و شره؟ فكراهيتك للكذب و للظلم و للغش و للخيانة كل ذلك مرده إلى اعترافك الضمني بحرية الإنسان أمام اختياراته و مسؤوليته أمام أفعاله. فلو كان الإنسان أسير غرائزه مثله مثل سائر الحيوانات لما نصبت المحاكم و لما أخذنا الغضب من إنسان سيء أو العجب من إنسان خير.  

3- الحرية و نظرية التطور:
فالإنسان هو الكائن الوحيد بين جميع الكائنات على سطح الأرض الذي حباه الله بهذه الخاصية الإنسانية الفريدة و هذا لا يمكن أن يكون أبدا نتاج الصدف العمياء لأن نظرية التطور لا تهتم سوى بما هو بيولوجي عضوي خارجي ولا دخل لها بما هو داخلي روحاني و أخلاقي. فالانتخاب الطبيعي ما هو سوى آلية خارجية تعمل على إزاحة الكائنات المريضة و المشوهة و الإبقاء على الكائنات القوية الكاملة الصالحة للعيش عن طريق الصراع الدموي الذي نشاهده يوميا بين كائنات الطبيعة و هو صراع غريزي يستجيب لدوافع بيولوجية. فكيف لهذه الآلية أن تمنحنا الحرية؟ أليس من السذاجة القول بأن حريتنا هذه هي نتاج هذا الصراع الدموي الغريزي القائم على دوافع بيولوجية؟
فحتى الإنسان العاقل و المفكر المالك لأكثر المختبرات العلمية تطورا و تقدما لا يستطيع أن يصنع إنسان آلي حر... فجميع أفعال و أقوال الإنسان الآلي ليست سوى نتيجة لما تمت برمجته عليه. هذا صنع الإنسان العاقل... فماذا تنتظر من آلية غير واعية حتى بذاتها؟  

4- حرية الإنسان و يوم الحساب:
سواء شئنا أم أبينا فالإنسان لا ينظر أبدا إلى أخيه الإنسان نظرة الإنسان إلى الحيوان، و إنما يتعامل مع الإنسان في إطار حريته و بالتالي مسؤوليته عن أفعاله خيرها و شرها ما عدا في حالة الحمق أو فقدان الوعي. أليس تكريم الله للإنسان بالحرية دليل على محاسبته له يوم الحساب عن أفعاله كما نحاسبه نحن البشر في الدنيا عنها؟ أليس حلي بنا نحن البشر التفكر في هذه الخاصية العجيبة و النظر إليها نظرة المتأمل المتفحص في عجائب خلق الله؟ فالحرية الإنسانية تقف سدا منيعا أمام كل من يزعم أن للإنسان أصل غير الله، فلو كان كذلك لصار حيوانا أو جمادا و لغاب الخير و الشر عن مفاهيمنا و أحاسيسنا و لصرنا آلات مبرمجة تعمل بهوى مبرمجها و حينها لا يكون المدح لنا أو اللوم علينا و إنما يكون لمالكنا و مبرمجنا. فلا أحد يلوم الآلات الحربية على سطوها بالإنسان و إنما يلام الإنسان على استعمالها في ارتكاب جرائم حربية تعصف بالإنسان و بمقدراته.


أليست حرية الإنسان و مسؤوليته أمام أفعاله عكس الكائنات الأخرى دليلا على مسؤوليته و محاسبته أمام خالقه يوم القيامة؟ أليست الحرية دليلا قاطعا على الأصل السماوي للإنسان و على بطلان الإدعاء بأن له أصل حيواني؟



بقلم: الأستاذ عثمان حجيرة.

الأربعاء، 24 فبراير 2016

حوار الجنينين المؤمن و الملحد

     
      في بطن أم حامل كان هناك جنينين. فسأل أحدهما الآخر:

 
-         هل تؤمن بالحياة بعد الولادة؟
-         بالتأكيد، شيء ما يجب أن يكون بعد الولادة. ربما نحن هنا لأننا بحاجة لكي نستعد لما سيأتي من بعد.
-         إنها مجرد حماقات لا توجد حياة بعد الولادة. كيف ستكون هذه الحياة؟
-         لا أدري... ولكن سيكون هنالك بالتأكيد ضوءا أكثر من هنا. ربما سنمشي على أرجلنا وسنتغذى بأفواهنا.
-         هذا شيء سخيف المشي شيء مستحيل. الأكل عن طريق الفم؟ هذا أمر مضحك إنه فقط الحبل السري الذي يضمن غذاءنا. سأقول لك شيئا: الحياة بعد الولادة أمر ملغي تماما والحبل السري هو جد قصير ولا يمكنه أن يغذينا فيما بعد.
-         ولكنني أعتقد أنه يجب أن يكون هنالك أمر ما. قد يكون مغايرا شيئا ما عما قد تعودنا عليه هنا.
-         ولكن لم يعد أحد قط من هناك بعد الولادة. فالولادة هي نهاية الحياة. وفي آخر المطاف فالحياة ليست سوى وجود مقلق في ظلام دامس دون أي معنى.
-         بصراحة إنني لا أدري كيف ستكون الحياة بعد الولادة ولكننا بالتأكيد سنرى أمنا وهي سوف تعتني بنا.
-         ماذا قلت؟ أمنا؟ هل تؤمن بوجودها؟ أين تظن أنها موجودة؟
-         أين؟ في كل ما يدور من حولنا. إننا نحيا فيها وبفضلها. وبدونها لم يكن هذا العالم ليوجد.
-         ولكنني لا أؤمن بذلك لأنني لم أرى أبدا هذه الأم التي تتحدث عنها. وبالتالي فالمنطق يقول أنها غير موجودة.
-         ولكننا من حين لآخر عندما يسود الصمت يمكنك سماعها وهي تغني وأن تحس بها وهي تداعب عالمنا.
-         هل تعلم؟ إنني أؤمن بوجود حياة حقيقية تنتظرنا وأننا الآن فقط نستعد لاستقبالها...

الكاتب غير معروف
            مترجم - بتصرف

الأربعاء، 19 نوفمبر 2014

ليس بالمعقد و لا بالبسيط .... لكنه فقط مضبوط

حتى اللحظة قمنا بمناقشة، و بشكل عام، العوائق الاحتمالية المتداخلة في عملية تطور النظم الكيميائية الحيوية المعقدة بشكل لا يقبل الاختزال. هل من الممكن وضع أرقام مضبوطة لهذه الاحتمالات؟ بالرغم من أن منتقدي التصميم الذكي يؤكدون استحالة ذلك إلا أن شكهم لا أساس له. و بالتأكيد فإن تحديد احتمالات خاصة بتطور بنيات بيولوجية يعتبر أكثر صعوبة من تحديد التسلسلات الخاصة بقذف قطعة نقدية عن طريق الحظ و التي من السهل حسابها مقارنة مع تلك التي ترتبط بالعالم البيولوجي الحقيقي. و لكن العلم يعمل على فك المشاكل الصعبة، و تحديد الاحتماليات الضرورية لتطوير البنيات البيولوجية يعتبر تحديا جيدا مع الأخذ بعين الاعتبار وصف عمله.

و عند تحديد الاحتمالات التي تظهر في تباين النشأة، فإنه من الضروري اختيار نظم قابلة للتحكم فيها (يعني نظم غير معقدة جدا و التي يمكن التحكم فيها عبر مناهجنا العلمية). و بالفعل فإن الداروينيون قد اختبؤوا وراء تعقيدات النظم البيولوجية بهدف حماية نظريتهم من التفحص. قم باختيار أي نظام معقد جدا فلن تجد حتى من يستطيع البدء بتحديد الاحتمالات المرتبطة بتطوره. وقس على ذلك الخرافة التي يتداولها علماء البيولوجيا و التي مفادها أن نظرية دارون استطاعت إعطاء تفسير لتطور عين الفقريات. بل على العكس من ذلك تماما، فهي لم تدلي بأي شيء محدد.

في مكان ذلك، فقد حدد الداروينيون عدة أعين تظهر مستويات متباينة من التعقيد انطلاقا من عين الفقريات في أعلى درجة من التعقيد إلى أسفلها حيث يتواجد فقط مستقبل بسيط و حساس للضوء. إلا أن القيام فقط بتحديد أعين ذوات تعقيدات مختلفة ثم القيام بوضع أسهم للإشارة إلى مراحل تطورها انطلاقا من العين الأقل تعقيد إلى الأكثر تعقيد فذلك لا يعطي أي تفسير لكيفية تطور هذه الأعين بعضها من بعض (1). فالفجوات بين الأعين ذوات التعقيدات المتباينة قد صارت عبارة عن تصدعات لا يمكن تجاوزها و خصوصا عندما نبدأ بالتساؤل حول التغيرات الحقيقية في الجينات و النمو الجنيني و أيضا حول التوصيلات العصبية التي تمت في عين الفقريات و التي "تطورت" من أسلاف بسيطة. فعوض الاعتراف على أن هذه الفجوات تشكل دليلا واضحا ضد النظرية، فالتطوريون لا يزالون على موقفهم الرافض للانهزام: "أظهروا أننا على خطأ"، يقولون, "أظهروا لنا أن العين لم تتطور بهذا الشكل". و  هكذا، بتجنب ثقل الدليل، فنظرية داروين تنتصر معظم الوقت على باقي النظريات البديلة.

فالضربة القوية التي سددها مايكل بيهي هي تحديد نوع من النظم البيولوجية البسيطة و التي يمكن تحديد حواجزها الاحتمالية بشكل يسير و التي يجب عليها (أي النظم) تجاوزها حتى يمكنها أن تتطور. أما مع العين البشرية، فإننا نجد أنفسنا أمام الملايين من الخلايا خصوصا عندما نعمل أيضا الآلية العصبية (مثال القشرة البصرية) التي تحتاج إلى إتمامها. لكن مع النظم الكيميائية الحيوية المعقدة بشكل لا يقبل الاختزال فإننا نبحث عن البنيات الجزيئية التي تتواجد داخل الخلية و التي تستقر في عتبة الحياة- و تحت هذه العتبة تتواجد اللبنات الكيميائية التي تشكل البيولوجيا. فالسوط البكتيري، على سبيل المثال، هو عبارة عن آلة جزيئية و التي تتشكل من بروتينات. و البروتينات تتشكل هي الأخرى من الأحماض الأمينية  التي يمكنها أن تظهر حتى مع انعدام الحياة. فالبروتينات، التي هي عبارة عن سلسلات وظيفية من الأحماض الأمينية، فهي لم تتواجد سوى داخل سياقات خلوية، أي مع وجود الحياة.

لكن و حتى مع النظم المعقدة بشكل لا يقبل الاختزال (الأكثر بساطة بالمقارنة مع كل خلية من خلايا الشبكية، حتى لا نتحدث عن العين نفسها)، فالتعقيدات بسرعة تصير صعبة التحديد. فالسوط البكتيري لا يتشكل سوى من أربعين بروتين مختلف، إلا أن هذه البروتينات تتكرر في بعض الحالات مئات أو آلاف المرات. فخيط السوط، مثلا، يتشكل من آلاف الوحدات الثانوية البروتينية (أي، نسخ لبروتين محدد). فالسوط البكتيري نفسه هو عبارة عن مجموعة معقدة من عدة آلاف من الأجزاء البروتينية.

و بالتالي فإن تقدير احتماليات تطور السوط البكتيري يصير أمرا صعبا خصوصا و أن التطوريون لا يحددون أبدا بشكل مفصل السبل التطورية لتلك النظم الكيميائية الحيوية المعقدة بشكل لا يقبل الاختزال. فمع توفر السبل المفصلة بشكل كاف فإن الإحتماليات الخاصة بكل مرحلة من مراحل التطور يمكن، مبدئيا، تقديرها. إلا أنه مع غياب تلك التفسيرات فإننا نتوقف فقط عند الاعتبارات الاحتمالية الأكثر شمولية عند تحديد لا احتمالية تطور السوط. مثلا، فالسوط خلال تطوره يجب عليه أن يتجاوز مشكلة التوافق في الواجهة بحيث أن البروتينات الجديدة على البنية يجب أن تتطابق بشكل مناسب حتى يمكنها أن تتحد بشكل ناجح و يحصل التطور.

فعند تقدير الاحتمالات الخاصة بتطور النظم الكيميائية الحيوية عبر عملية داروينية، فنحن بالتالي  نحتاج إلى تحليل بنيات أكثر بساطة من السوط. فالهدف من الدراسة الآن هو احتمالية تطور البروتينات بسكل منفرد. ففيما يتعلق بتباين الأصل، فهذا يعني الخوض في مسألة احتمالية الجاهزية (أي، احتمالية أن تكون البروتينات جاهزة حتى يمكنها الانضمام في نظام معقد بشكل لا يقبل الاختزال خلال مراحل تطوره) و إظهار أن تلك الاحتمالية ضعيفة. و مع ذلك سوف يتوجب القيام بهذا البحث بالاعتماد على بروتينات السوط البكتيري أو على البروتينات الأخرى الخاصة بآلات بروتينية معقدة بشكل لا يقبل الاختزال (2). و كنتيجة، فإن إعداد حسابات صعبة لاحتمالية تطور السوط البكتيري و نظم أخرى معقدة بشكل لا يقبل الاختزال يبقى مشكلا مفتوحا.

إلا أن الحسابات المعقدة الخاصة باحتمالية تطور بعض البروتينات المنفردة هي متوفرة. فهذه الأخيرة تتواجد بالضبط في المستوى الصحيح من التعقيد و من البساطة من أجل تحديد لااحتمالية تطورها عبر عملية داروينية، على الأقل في بعض الحالات. إلا أن القيام بهذا التحديد بشكل صحيح يتطلب الحذر. افترض أن هناك بروتينات يمكنها أن تتطور إلى بروتينات أخرى (فتطورها يبقى رهينا بالتغيرات الجينية التي تقع في الجينات التي تشفر تلك البروتينات). و الذي يحدد قدرتها على التطور ليس فقط توزيعها بشكل متناثر داخل سلسلات الأحماض الأمينية الممكنة، و لكن أيضا، و الأكثر أهمية، هو درجة عزل بروتينات ذات وظيفة معينة من بروتينات أخرى لها وظائف مختلفة.

و لإظهار القدرة التطورية للبروتينات، فتخيل كما لو أنها جمل باللغة الانجليزية. فكليهما يستعمل أبجدية ثابتة: فالبروتينات تتكون من 20 نوع من الأحماض الأمينية العسراء، بينما تتكون اللغة الانجليزية من 26 حرفا. و لتطوير بروتين معين إلى آخر عبر العملية الداروينية، فإن العديد من التغيرات البسيطة للأحماض الأمينية يجب أن تحول بشكل تدريجي بروتين معين إلى آخر بحيث أن كل شكل وسيط خلال هذه العملية يجب أن يمتلك ليس فقط نفس السلسلة من الأحماض الأمينية كوسيطه السابق و اللاحق و لكن أيضا أن يطوى بشكل مناسب و أن يمتلك وظيفة بيولوجية. و على نفس المنوال، فإن تطوير جملة ما بااللغة الانجليزية عبر عملية داروينية يستلزم تغيرات طفيفة على مستوى الحروف و التي بإمكانها أن تطور تدريجيا جملة معينة إلى أخرى بحيث أن كل وسيط خلال هذه العملية لا يجب عليه أن يمتلك فقط نفس التسلسل من الحروف مثله مثل وسيطه السابق و اللاحق و إنما أيضا تشكيل جملة ذات معنى.         





 مثلا، اعتبر "تطور" الجملة التالية: "THE CAT SAT ON THE MAT" (القط جالس فوق الحصير). فبما أننا نقلد التطور الدارويني، فهذه الجملة يجب أن تتطور تدريجيا. و بشكل يقين، يمكننا القول أن حرفا بسيطا يمكن أن يضاف أو أن يحذف أو أن يعدل في جملة معينة خلال كل مرحلة من مراحل تطورها. فهذا اللزوم يضمن تطور الجمل بشكل تدريجي. إلا أن تدرج العملية التطورية ليس أمرا كافيا. و بما أننا نقلد التطور الدارويني، فإن كل وسيط يجب عليه أيضا الحفاظ على معناه (و هو ما يقابله في البيولوجيا الحفاظ على الوظيفة) (3). إذن فإن تطور THE CAT SAT ON THE MAT لا يمكنها أن تصير جملة دون معنى خلال أي مرحلة من مراحل تطورها. أما ما سوف نتطرق له الآن هو طريق تطوري ممكن انطلاقا من الجملة الأولى (للإشارة فقط، فإن الأحرف المتغيرة أو التي تم إدراجها سيتم وضع خط أسفلها بينما الأحرف التي تم حذفها فيشار إليها بوضع خط تحت فراغ)     
  

THE CAT SAT ON THE MAT                         [القط جالس فوق الحصير]
THE CATS SAT ON THE MAT                    [القطط جالسة فوق الحصير]
THE CATS EAT ON THE MAT                      [القطط تأكل فوق الحصير]
THE CATS BEAT ON THE MAT               [القطط تضرب فوق الحصير]
THE BATS BEAT ON THE MAT           [الخفافيش تضرب فوق الحصير]
THE BATS BEAT ON THE BAT             [الخفافيش تضرب فوق الخفاش]
          THE BATS BEAT ON THE BOAT           [
الخفافيش تضرب فوق القارب]
          THE BATS
   EAT ON THE BOAT                [الخفافيش تأكل فوق القارب]
THE BASS EAT ON THE BOAT                      [الفرخ تأكل فوق القارب]
THE BASS EATS ON THE BOAT                   [الفرخ يأكل فوق القارب]
THE BOSS EAT ON THE BOAT                      [القائد يأكلوا فوق القارب]

أي نتيجة نستخلص من هذا المثال؟ هل يمكن ل THE CAT SAT ON THE MAT أن تتطور؟ فالقدرة على التطور هي مسألة نسبية، فأي جواب بنعم أم لا سوف لن يجيب على هذا السؤال بشكل ملائم. باعتبار التغيرات المسموح بها في كل مرحلة (أي، إضافة أو حذف أو تعديل لحرف ما) فمن الواضح أنه من الممكن تطوير جمل ينتهي بها الأمر إلى إضافة معنى مختلف تماما عن الجمل الأصلية. لكن، هل جميع الجمل بالانجليزية التي تمتلك معنى معين، هي قابلة للتطور عن طريق تغيرات تدريجية في متسلسلة الوسائط الأخرى التي لها معنى معين انطلاقا من المتسلسلة الأصلية؟ أو بالأحرى، كيف يمكن لشخص دارويني أن يعتقد على أن THE CAT SAT ON THE MAT يمكن أن يكون الجد المشترك لجميع الجمل الأخرى بالانجليزية؟ فذلك يبدو غير محتمل بالرغم من عدم وجود أي تحليل يمكن أن يتحقق من هذا الإدعاء. فللقيام بهذا فسوف يلزمنا القيام بتحليل عبر حاسوب قادر على أخذ الجملة الأصلية و تعريضها لجميع السبل التطورية الممكنة و المتوافقة مع التغيرات المسموح بها في كل مرحلة تطورية. إضافة إلى ذلك، سيتطلب توفر طاقم بشري للتأكد من الحفاظ على المعنى خلال كل مرحلة تطورية (4).

قم بتبديل "المعنى" ب "الوظيفة"، و "تطور الجمل بالانجليزية" ب "تطور البروتينات". هل البروتينات قابلة للتطور؟ كما هو معلوم، فالبروتينات تسمح بتبديلات عديدة في الأحماض الأمينية (5). و بالفعل، فالحالات التي يؤدي فيها التغيير في الحمض الأميني إلى خلخلة الوظيفة هي نادرا ما تقع. و يرجع ذلك لأن ما يحدد بالفعل وظيفة بروتين معين هو شكله الكامل (المعروف ببنيته الثلاثية)، و العديد من المتسلسلات المختلفة من الأحماض الأمينية هي متطابقة مع نفس الشكل. و بالتالي فإن شكل و وظيفة بروتين معين لا يمكن اختزالهما في تسلسله المحدد من الأحماض الأمينية (المعروف بالبنية الأولية للبروتين) و لا حتى في بنيته الثانوية.

فشكل و وظيفة بروتين معين يعتبران نتيجة لعدد طيات البروتين، و الذي يقيم هذه الطيات هو نمط التفاعلات التي تحدث بين الأحماض الأمينية و الذي يعتبر مفيدا بشكل كاف لكي تثبت البنية نفسها. بالإضافة إلى ذلك، بالإمكان بلوغ نفس نمط التفاعلات المفيدة عبر عدة سبل مختلفة. لذلك، فالبروتينات يمكنها أن تكون قابلة للتطور بشكل كبير في بنيتها الأولية، لكنها سوف تكون عاجزة عن ذلك تماما في بنيتها الثلاثية. (فذلك سيتشابه مع متسلسلة من الحروف كما هو الحال مع THE CAT SAT ON THE MAT، و التي تتغير بشكل كلي عبر مراحل صغيرة و عديدة مع الحفاظ على معناها في كل مرحلة). فبما أن البنية الثلاثية هي المسؤولة عن تحديد الوظيفة البيولوجية، فهذا التطور يمكن أن يصير دون فعالية، دون إنتاج أي بنيات أو وظائف جديدة و دون أن يقدم للانتقاء الطبيعي أي شيء يمكنه انتقاءه.

هل تطور البروتينات دائما يتم هكذا؟ لا. توجد أدلة على أن هناك عدة مجالات لبروتينات معينة (أي، المناطق المثنية داخل بروتين معين)، إذا ما كانت صغيرة، يمكنها أن تتطور و ذلك بإنتاج طيات جديدة و بإضافة وظائف جديدة إلى البروتين. مثلا، فالبحث الذي قام به سباستيان ميير (Sebastian Meier) و مساعديه بخصوص مجال بروتيني صغير جدا (حوالي 25 ثمالة) قد أظهر أن التغير البسيط في الحمض الأميني يمكنه تحويل البروتين إلى بنية جديدة (7). لكن هذا المثال يبدو أنه استثنائي. في هذه الحالة، فإن تغير الحمض الأميني أدى إلى تعديل رابط ثنائي السلفيد ، و الذي هو أكثر قوة من روابط الهيدروجين، و التي تتطابق مع العديد من البروتينات. إضافة إلى ذلك، فعديد البيبتيد الذي يتشكل من 25 ثمالة من الأحماض الأمينية يعتبر صغيرا جدا بحيث سوف لن يستطيع تثبيت نفسه عبر تفاعل كاره للماء، كما تقوم بذلك العديد من البروتينات (أي، تلك الأحماض الأمينية في البروتين و التي تحرر الماء و تتحد فيما بينها). فالحديث عن الطي كما هو الحال في المجال البروتيني الصغير مثله مثل الحديث عن عقد خيوط قصيرة جدا و لا يمكن عقدها.

فالطي يصير أكثر صعوبة و تعقيدا في البروتينات التي تتشكل من تسلسلات طويلة من الأحماض الأمينية. فهناك العديد من الحركات الأساسية التي يجب أن تحصل في متسلسلة خاصة من أجل طي سلسلة من الأحماض الأمينية بهدف منحه التعديل الصحيح. إذن، فليس من المدهش أن تعتمد بروتينات كبيرة على مساعدة بروتينات أخرى المعروفة بالمرافِقة من أجل أن تطوى. من ناحية أخرى، فالبروتينات الصغيرة تعتبر أكثر سهولة في الطي. عوض استلزام طي طبقة تلو أخرى في تسلسل معين، فالبروتين الصغير ينهار بسرعة بحيث أن ترتيب الأحداث ليس مهما جدا. و بالتالي، إنه لشيء مهم أن ميير و مساعديه قد وجدوا الطريقة الصحيحة لتعديل طي سلسلة من الأحماض الأمينية القصيرة جدا فقط بتغيير ثمالة واحدة، إلا أن ذلك لا يعلل مسألة تعميم هذه النتيجة على البروتينات الكبيرة (8).            
     

تمت الترجمة من:
Dembski, W.; Wells J. (2008) the Design of Life: Discovering Signs of Intelligence in Biological Systems, The Foundation for Thought and Ethics, Dallas, p. 194-198.


التعريف بالكاتبين:
ويليام دومبسكي (William Dembeski) حاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة في جامعة إيليون في شيكاغو و على شهادة الدكتوراه في الرياضيات بجامعة شيكاغو. يعتبر واحدا من أهم منظري التصميم الذكي و له عدة مؤلفات في هذا المجال. هو صاحب أول كتاب للتصميم الذكي تم نشره من طرف دار نشر جامعية معترف بها:
 The Design Inference: Elimitating Chance Through Small Probabilities. (Cambridge University Press.1998)

جوناثان ويلز (Jonathan Wells): حاصل على الدكتوراه في البيولوجية الخلوية و الجزيئية من جامعة كاليفورنيا في بيركلاي. حاليا هو واحد من الباحثين الأساسيين في معهد ديسكافري.


المراجع:

1-            انظر Evolution: The Trumph of an Idea ل Carl Zimmer (New York: HarperCollins, 2001). في غشاء الكتاب توجد عدة أعين ذزات تعقيدات مختلفة. إلا أنه لا غشاء الكتاب و الكتاب نفسه و لا أي عالم دارويني استطاع أن يعطينا تفسير مفصل و قابل للقياس حول كيف استطاعت هذه الأعين أن تتطور عبر عملية داروينية انطلاقا من أسلاف بسيطة.

2-            لاحظ أن الإشارة فقط لبروتينات السوط تعتبر مشابهة  لبروتينات أخرى تؤدي وظائف أخرى فذلك لا يجعل من التطور أمرا أكثر قبولا و لا حتى يحل مشكلة جاهزية هذه البروتينات. و كمثال على هذا التفكير المعيب انظر كتاب "من أصل الأنواع إلى أصل السوط البكتيري" ل M. J. Pallen  و N. J. Matzke, publicado و الذي تم نشره في  Nature Reviews Microbiology 4(10) (2006):ص: 784-790. و الإشكال يكمن في السؤال حول كيفية ظهورهذه البروتينات المتشابهة لأول مرة. و هذه هي النقطة التي تشير إليها مسألة الجاهزية و هذا هو ما لم تتم الإجابة عليه حتى الآن من طرف المراجع الخاصة بالتطور البيولوجي.

3-             و بالفعل، إذا كان التطور جميعه يقوم على أساس الحفاظ على المعنى/الوظيفة، فإننا سننتهي بالحديث عن تطور محايد أكثر مما هو دارويني. و بشكل مضبوط فالتطور الدارويني يتوجب عليه أن يحسن المعنى/الوظيفة بشكل مستمر. و من الشروط الضرورية لتحسين المعنى/الوظيفة هو الحفاظ عليه. و لمعرفة المزيد حول التطور المحايد انظر: Motoo Kimura, The Neutral Theory of Molecular Evolution (Cambridge: Cambridge University Pres, 1983).

4-            لأن الحواسيب هي جد محدودة لغويا. و بالفعل فإن تركيبة الكلام الطبيعي لا تظهر أي مهارة لتحديد ما هي الجمل التي لها معنى و التي تخلو منه.

5-            كما أشار إلى ذلك دوغلاس آكس، "دراسات التطفير و انحياز التسلسلات المتطابقة قد أظهروا أن وظيفة البروتينات هي متطابقة عادة مع عدة ثمالات من الأحماض الأمينية المتواجد في الأماكن الغير النشطة و في الأطراف" . Douglas D. Axe, “Extreme Fuctional Sensitivity to Conservative Amino Acid Changes on Enzyme Exteriors,” Journal of Molecular Biology 301 (2000): 585.

6-             D. D. Axe, N. W. Foster, and A. R. Fersht, “A Search for single Substitutions That Eliminate Enzymatic Function in a Bacterial Ribonuclease,” Biochemistry 7 (20) (1998): 7157-7166

7-            S. Meier, P. R. Jensen, C. N. David, J. Chapman, T. W. Holstein, S. Grzesiek, y S. Ozbek, “Continuous Molecular Evolution of Protein-Domain Structures by Single Amino Acid Changes,” Current Biology 17(2) (2007): 173-178.

أفكار هذه الفقرة مأخوذة من المراسلات الشخصية  بين  WmAD و Cornelius Hunter 8- (1 أبريل 2007).