الخميس، 2 أكتوبر 2014

إصدار علمي جديد يتحدى التطور الدارويني

 جوناثان ماكلاتشي (Jonathan McLatchie)

خلال الأشهر الأخيرة، عرفت الأعمال التي تتحدى النقط الأساسية لنظرية التطور –و التي من المفروض ألا تكون موجودة- انتشارا ملحوظا عبر الانترنت و قد أخذت تجد مكانها أيضا ضمن الإصدارات المنقحة. و من بين هذه الإصدارات نجد: "هل التضاعف الجيني يعتبر تفسيرا صحيحا لظهور المعلومة البيولوجية و التعقيد؟" الذي كتبه جوزيف إسفاندير (Joseph Esfandier Hannon Bozorgmeh) و نشرته مجلة التعقيد "Complexity" على موقعها عبر الأنترنت، و يتحدى فيه النموذج الاعتيادي للتضاعف و التباعد الجيني بخصوص أصل المستجدات التطورية.

في ملخص إصداره يقول:

"إن الحياة تعتمد على المعلومة البيولوجية المشفرة في ال ADN و الذي عبره يتم تشكيل و تعديل التسلسلات الببتيدية اللازمة لخلايا الكائن الحي. و بالتالي فإن أي نموذج دارويني لتفسير التنوع الموجود في الحياة فهو بحاجة إلى تبيين كيف تظهر مناطق إكسونية جديدة و التي تقوم بتشفير وظائف مختلفة. فالانتخاب الطبيعي دائما ما يتجه نحو الحفاظ على الوظيفة الأساسية و على سلسلة و حجم الجينات، و بالرغم من أن تغيرات مفيدة و تكيفية تعتبر ممكنة إلا أنها تصلح فقط لتحسين أو تعديل الصنف الموجود. إلا أن التضاعف الجيني يسمح بأن تكون هناك مهلة للانتقاء و هكذا يمكنه تزويد ركيزة جزيئية من أجل تطور المستجدات الكيميائية الحيوية.  و نحن نشير هنا إلى الأمثلة المعروفة جيدا للتضاعف الجيني و إلى الأدوات الأساسية التي تؤدي إلى التباعد التطوري من أجل اختبار صحة هذا الإدعاء. إن النتائج المحصل عليها توحي بأن التطور الجزيئي يبقى محصورا و محدودا في كل حالة من الحالات بالرغم من أن التضاعف الجيني يمكن أن يسهل التأقلمات المهمة عبر تعديل العناصر الموجودة. و بالتالي فإنه بالرغم من مساهمة عملية التضاعف الجيني و الطفرات العشوائية المتعاقبة في تحديد حجم و تنوع الجينوم، إلا أنها غير كافية لوحدها عند تفسير أصل المعلومة المعقدة بشكل كبير و المتعلقة بالوظيفة الأساسية للكائنات الحية."

فالآلية المطروحة للنقاش هي ظاهرة التضاعف الجيني التي تحدث عبر الانتقال الغير المتكافئ للصبغيات و تراجع مراسل الحمض النووي الريبي (ARNm) المترابط و نسخ صبغي كامل  أو حتى للجينوم بأكمله. إن نموذج التضاعف الجيني المتعلق بأصل المستجدات التطورية هو كالآتي: عندما يصير الجين مضاعفا فإن نسخة منه تبقى محفوظة لأهمية نمطه الظاهري (مثلا، من أجل تشفير بروتين معين أو حمض نووي ريبي شغال)، بينما تبقى النسخة الأخرى للجين محررة من أي تقييد انتقائي، و بالتالي فهي بإمكانها أن تتحول أو "تتعرض" لإمكانيات توافقية بديلة، مع أمل الالتقاء بشيء مهم.

و كما أشار الكاتب، فالإصدار يحاول "تحديد وجود و حجم أي معلومة جديدة تم إنتاجها عبر التضاعف الجيني".
  
"إن ما يتم النقاش حوله هو ما إذا كان هناك أدلة كافية على أن التعليمات المشفرة في ال ADN قد استطاعت أن تظهر عبر عملية تطورية معروفة، أو ما إذا كانت المعطيات تشير إلى ضرورة إعطاء تفسيرات بديلة كما هو الحال مع أي معلومة مشفرة و غير بيولوجية. هكذا إذا، فهذا تقييم للبراهين الشائعة بخصوص الأصل البيولوجي و تعقيد الجينوم".

لقد تعامل الكاتب بحذر عندما تحدث عن وصفه ل"المعلومة". و بقيامه بمقارنة المعلومة الحالية في النظم البيولوجية بالتعقيد البسيط لشانون (Shannon) فهو يحدد منفعة المعلومة الإكسونية ك "الزيادة الكمية في القدرة العملية و التخصص الوظيفي دون أي شك ناتج عن الحدث". ثم قام بعدها باقتراح الوسائل من أجل التفحص التجريبي لدور الانتقاء الطبيعي في خلق وظائف جديدة.

و قد خلص الكاتب برسم نفس النتائج التي سبق و أن وضحها بيهي في عمله الأخير في  Quaterly Review of Biology: بينما قد يبدوا لنا للوهلة الأولى أن العديد من الطفرات قد استطاعت أن تظهر كما لو أنها أدت إلى ظهور مستجدات تطورية (كما هو الحال في مقاومة المضادات الحيوية)، إلا أننا عندما  نتفحص الأمر بدقة أكثر فإننا نستشف أن تلك التأقلمات ليست، بالفعل، نتاج عناصر جينية مستحدثة. و قد فسر ذلك الكاتب بالقول: "في العديد من الحالات...فأي فقدان الوظيفة أو أي تعديل يمكنه أن يتحول إلى حدث مفيد و بالتالي يتم انتقاءه- فالباكتيريا تميل إلى تطوير مقاومتها للمضادات الحيوية عبر الطفرات التي تمس بشكل آخر معاكس نفاذية الغشاء" (راجع Delcour2009). و كمثال مذكور في هذا الصدد عندنا اكتساب أعضاء فسفورية مقاومة ضد مبيدات الحشرات في الذباب، التي تم الحصول عليها عبر تبديل بسيط لحمض أميني في كربوكسيل استراز. لكن هذه المقاومة لمبيدات الحشرات –بالرغم من كونها تأقلم انتقائي- فهي ليست حالة توظيف جديد بل إنها مثال لفقدان النشاط الأنزيمي (Newcomb et al. 1997). 

فالعمل لا يزال مستمر مع تفسير ثمانية حالات للتطور التأقلمي المرتبط بالتضاعف الجيني و سوف أتحدث عن إحداها في مقال آخر. 

التعريف بالكاتب:
جوناثان ماكلاتشي (Jonathan McLatchie) حاصل على ماجستير البحوث في البيولوجيا التطورية و النظامية في جامعة كلاسكوو Glasgow. حاليا هو محرر موقع "التطور أخبار و نظرات"

تمت الترجمة من:
http://www.evolutionnews.org/2010/12/new_peer-reviewed_paper_challe042331.html