الجمعة، 30 مايو 2014

الجمال "الإلهي" و الموحي لعملية التركيب السوطي. - جوناتهان ماكلاتشي

جوناتهان ماكلاتيتشي: Jonathan McLatichi

منذ عدة أشهر، كنت قد نشرت مقالا في هذا الموقع تحدثت فيه عن التعقيد الخلاب و عن جاذبية عملية تشكل السوط. فحتى هذه اللحظة، فقد أعجبت بهذا الشريط الذي يتحدث عن هذا الموضوع. فبالرغم من أنه بالكاد يتناول الأمور السطحية في هذه العملية المتشابكة إلا أنه يقدم فكرة عن كيفية حدوث ذلك التخليق الحيوي و المعقد للسوط:  

و من بين المصادر المفضلة لدي و التي عادة ما أعود إليها عند دراسة هذا الموضوع كتاب: "الشعيرات و السياط: الأبحاث الحالية و الاتجاهات المستقبلية" Pili and Flagella: Current Research and Future Trends الذي نشره كين جيرل (Ken Jarrel). و أهم فصل في الكتاب قد ساهم فيه شي إيشي إيزاوا (Shin-Ichi Aizawa) و عنوانه: "ما هو الأساس في التخليق الحيوي للسوط؟ ".

في الصفحة 91،  عرض إيزاوا واحدا من أهم المقاطع دلالة في الكتاب:  

"بما أن السوط مصمم بشكل صحيح و مشكل بشكل جميل عبر سلسلة تجميع مرتبة، و حتى أنا، الذي لا أؤمن بالخلق، فإنه ينتابني شعور رائع أمام هذا الجمال "الإلهي" (Pallen and Matzke, 2006) إذا ما كان السوط قد تطور انطلاقا من شكل بدائي فأين هي بقايا أسلافه؟ لماذا لا نلاحظ أي أشكال وسيطة للسياط الموجودة الآن؟ كيف يمكن أن يكون قد تطور السوط دون أن يترك آثارا في التاريخ؟". 

و قد أتم فكرته في الصفحات القليلة (95-96) التي تلت قوله:

"جميع الجينات السوطية يبدو أنها قد تطورت تحت ضغوط إنتقائية جد عالية للحصول على الفعالية في التجميع. و بعد كل شيء، فإن كل ما يسمح للبكتيريا بتشكيل سوطها و بالتنقل اتجاه غذائها يمر عبر حمضها النووي. فالسياط هي عبارة عن نانوآلات مدفوعة عبر بروتونات تعمل ب 100% من الفعالية و طرق التجميع قد تم تحديثها عبر التطور بهدف تقليل فترة عملية التجميع. فالسوط قد اكتسب جماليته عبر التطور، متحولا بذلك إلى آلة فعالة و معقدة".

و من المتفق عليه إلى حد كبير أن مثل هذه الأعجوبة الهندسية تعطي مظهرا أخاذا على أنها قد صممت. و فعلا، فقد قامت البيولوجية كاثرين إيبلكيت  (Kathryn Appelgate) التي تعمل على الدراسة الحاسوبية للخلية (و هي ذات توجه دارويني و تنشر مقالاتها بكثرة في موقع "البيولوجيون" Biologos) بكتابة بحث العام الماضي تحت عنوان: "السوط البكتيري: قد تكون المظاهر خداعة". و أشارت إلى ما يلي:

"التشابه هو جد أخاذ، و نجد أنه من الصعوبة مقاومة هذه المماثلة لكيفية تشكل السوط. فنحن نعلم أن جميع المحركات الخارجية قد تم تصميمها من طرف مهندسين أذكياء، و جميع الأجزاء قد صنعت بإتقان حتى تعمل جميعا من أجل الغرض المقصود. و السوط البكتيري أيضا يملك مكونات متطابقة بشكل صحيح و كلها تؤدي نفس الوظيفة كأي محرك خارجي- بحيث تمكن من التحرك في وسط سائل. و بما أن السوط لم يتم تصميمه من طرف مهندسين بشر، فإنه يبدو من المعقول أن نستنتج فقط أنه صمم من قبل كيان آخر."

و بالتأكيد فإن إيبلكيت قد مضت في تأكيدها (بشكل غير مقنع) على أن السوط لم يصمم بشكل ذكي. إلا أنها طرحت سؤالا مشروعا بخصوص كيفية ظهوره: هل هذا النظام هو بالفعل مصمم؟ أم أن تصميمه مجرد ظاهري؟ حسنا، بما أننا جميعا متفقين –أو على الأقل معظمنا- على أن السوط يبدو كما لو أنه نظام مصمم فإنه سيكون من غير الحكمة استبعاد هذا الإقتراح مسبقا. فعند إغلاق الباب أمام جواب ممكن فإننا نحصر أنفسنا أمام مجموعة من الخيارات الزائفة.

فبما أن جميع "التفاسير" الطبيعية التي تم إعطاءها حول هذا النظام قد أبانت عن فشلها، و بما أننا نمتلك دافعا إيجابيا (على سبيل المثال، تجاربنا المتكررة مع قانون السببية) للاعتقاد على أن هذا النظام هو فعلا نتاج لسببية ذكية، فإنني لا أرى أي مشكل في أن يتم الاعتراف بفكرة استنتاج التصميم كوجهة نظر علمية مقبولة.

يعتبر السوط -من طرف العديد من العلماء- نظاما لا يقبل الاختزال، و ذلك يعني أنه يستلزم تواجد جميع أجزاءه بهدف الإبقاء على فائدته الوظيفية. على سبيل المثال، فمن دون البروتين المسمى FliK فستفقد على حد سواء القدرة على التعديل و خيوط التصدير و القدرة على تعديل طول الكلاب. كذلك الأمر عند غياب بروتين  capالمعروف ب FliD فإن مونمرات الفلاجيلين سيتم فقدانها من الخلية.

فأمام غياب أي دليل يظهر أن عملية جد معقدة كالتخليق الحيوي للسوط البكتيري يمكن أن تكون نتاجا لآليتي الطفرات و الانتخاب الطبيعي، فكيف يمكننا أن نكون متيقنين على أنه قد تطور عن طريقهما؟ إذا كان السوط قد ترك لنا مظهرا مثيرا للاهتمام على أنه قد تم تصميمه من طرف كيان ذكي، أليس لدينا ما يبرر استنتاجنا إلى حين تقديم أي تفسير أكثر إقناع (يفسر المعطيات بشكل أفضل)؟    
       

 صاحب المقال: جوناتهان ماكلاتييشي (Jonathan McLatchie) حاصل على ماجستير البحوث في البيولوجيا التطورية و النظامية في جامعة كلاسكوو Glasgow. حاليا هو محرر موقع "التطور أخبار و نظرات"
        
تمت الترجمة من موقع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق