الأربعاء، 26 مارس 2014

لمذا لم يفند البرهان الذي قدمه بيهي بخصوص السوط البكتيري؟

جوناتهان ماكلاشي. Jonathan McLachie


إن الذين كرسوا بعضا من وقتهم لقراءة الأدبيات الخاصة بالجدال القائم حول التصميم الذكي و التطور سيكونون معتادين بكل تأكيد على الجواب الذي قدمه التطوريون فيما يخص برهان التعقيد الغير القابل للاختزال الذي قدمه بيهي و الذي يتحدث فيه عن السوط البكتيري. على ما يبدو، هناك إجماع في الرأي بين أغلب التطوريين على أن التعقيد الغير القابل للاختزال الموجود في السوط البكتيري قد تم دحضه و على أننا نحن أنصار التصميم الذكي نسعى لتغيير قواعد اللعب بشكل مستمر و ذلك بدفن رؤوسنا في الرمال و بتشبتنا بأدلة جد سطحية. و كما كان متوقعا، قام أحدهم مؤخرا بكتابة ما يلي عبر موقع الفيسبوك:

"ما يزعجني أكثر في أنصار التطور هو عدم استسلامهم أبدا. كم مرة يجب علي أن أقول لك على أن هذا الأمر غير صحيح حتى تتقبله؟ كم مرة تم دحض التصميم الذكي عبر أبحاث معترف بها حتى تعترف على أنها قضية خاسرة؟ إن تاريخ التعقيد الغير القابل للاختزال الموجود في السوط البكتيري يعتبر بشكل مطلق و نهائي أمرا مغلقا. إن ذلك لم يكن سوى مهزلة. و إن اللعبة قد انتهت."

مؤخرا عندما كنت في أحد المطاعم الأدبية التي كانت تحتضن جلسة حول الإيمان و العلم قمت بتقديم السوط كمثال للتعقيد الغير القابل للاختزال و تلقيت أجوبة مماثلة.

لكن، هل يعتبر هذا الإدعاء صحيحا فعلا؟ هل تم دحض هذا الدليل؟ منذ حوالي عام قرأت كتابا بعنوان: "لماذا فشل التصميم الذكي. نقد علمي للخلقيين الجدد." (Why Intelligent Design Fails- A Scientific Critique of the New Creacionism) كتبه كل من مات يونغ و تينر إيديس (Matt Young and Taner Edis) و قد ساهم في كتابة الفصل الخامس من هذا الكتاب يان موسغريف (Ian Musgrave) و الذي يحمل عنوان: "تطور السوط البكتيري" و الذي يحاول فيه الرد على مايكل بيهي و ويليام دومبسكي (Michael Behe and William Dembski) بشكل قطعي و حاسم فيما يخص التعقيد الغير القابل للاختزال. فبينما كنت أقرأ هذا الفصل أتذكر عدم شعوري بأي انطباع. ففي الصفحة 82 يقدم موسغريف البرهان التالي:

"هذا هو السيناريو المحتمل لتطور السوط البكتيري: يظهر أولا نظام الإفراز قائم على قضيب SMC و على تركيب معقد من المسام، و الذي يعتبر الأصل المشترك بين نظام الإفراز من النمط الثالث و النظام السوطي. و بإشراك مضخة أيونية (و التي ستتحول فيما بعد إلى بروتين للمحرك) إلى هذه البنية سمحت بتطوير وظيفة الإفراز. حتى اليوم، فبروتينات المحرك و التي تنتمي لعائلة من البروتينات تقوم بالإفراز يمكنها الإنفصال و الاتحاد من جديد مع بنية السوط بكل سهولة. فالقضيب و المسام ذو التركيب المعقد ربما كان بإمكانهم الدوران في هذه الحال كما يقع في بعض الأنظمة حيث تكون الحركية عن طريق الانزلاق دون امتلاك محرك. لقد ظهر ليف السوط البدائي فيما بعد كجزء من بنية الإفراز البروتيني (مقارنة مع الشعرة الزائفة (و هي جزء من البروتيوبكتيريا غاما) و الدودات الزائدة ذوات الألياف الموجودة في السلمونيلا و بنيات الألياف الموجودة في الإشريكية القولونية). فالحركية المتناوبة بين الانزلاق و قوة الدفع قد ظهرت خلال المرحلة التالية أو التي بعدها لتستقر بعدها عند حركة السباحة. يمكن أن يضاف التنظيم و التحول فيما بعد لأن هناك بكتيريا معاصرة و التي بالرغم من عدم توفرها على هذه الصفات فهي تعمل بشكل جيد في بيئتها (شاه و ساكت 1995/ Shah and Sockett 1995). في كل مرحلة هناك فائدة للتغيرات في البنية."

في الواقع، فإن مارك بالن و نيك ماتزك (Mark Pallen and Nick Matzke) أدلوا بحجة مشابهة في مقال لهم بمجلة الطبيعة "Nature" عام 2006 (و قد تمت الإشارة إليه من طرف إحدى الجمهور المستمع خلال الزيارة الأخيرة لبيهي إلى المملكة المتحدة). و يُعرَف كين ميلر أيضا بادعاءاته الروتينية المشابهة بخصوص السوط البكتيري انطلاقا من نظام الإفراز من النوع الثالث و الذي يقوم أساسا على اعتبارات التشابه في التسلسلات البروتينات.

إذن، هل بإمكان هذه النقط أن تدحض بشكل نهائي العمل المزعج و المقلق الذي يطرحه التصميم الذكي؟  فهي لا تستطيع. لأن حجج كل من السادة المذكورين آنفا يستهينون بعدة مسائل مهمة. 

أولا و قبل كل شيء، فهم يستهينون بالتعقيد و بالتركيبة الهائلة للنظام السوطي – كجهاز التجميع و التصميم الفني لبنيتها-. في الواقع، فإن العملية التي يتشكل عن طريقها السوط بشكل ذاتي داخل الخلية تعتبر جد معقدة بحيث يجب علي القيام بمجهود كبير حتى أشرحه بشكل مفهوم للأشخاص الذين لا يعلمون شيء بخصوصه. فهذه المفاهيم الأساسية تعتبر صعبة للاستيعاب من طرف أولئك الذين ليسوا معتادين على تصور نظام كهذا أو من طرف أولئك الذين يدرسونه لأول مرة. لكن، و في نفس الوقت، فالأساسات الميكانيكية لتجميع السوط تعمل برشاقة و سحر رائعين كالهندسة الرائعة الموجودة في المحرك السوطي –و هو التحدي الكبير الذي يطرح للتطور- و التي لا يمكن تقييمها بشكل صحيح دون حد أدنى من المعرفة السطحية لعملياتها المدعمة. فلنلق نظرة موجزة.  
  
التجميع الذاتي للجهاز السوطي:

تركيبة السوط البكتيري تتطلب تعبيرا منظما لأكثر من 60 منتوجا جينيا. فتركيبته الحيوية داخل الخلية تنظم عن طريق جينات مرتبة في تسلسل منظم بشكل دقيق و التي فيها التعبير عن جين واحد في مستوى معين يستلزم التعبير المسبق لجين آخر في مستوى عال. و كنموذج للتجميع السوطي نجد السالمونيلا و هي صنف من البكتيريا المعوية و بالتالي فإن مناقشتي سترتكز على هذه البكتيريا ما لم يرد خلاف ذلك.

النظام السوطي للسالمونيلا يتوفر على ثلاث أصناف من المحفزات (المحفز يشبه نوعا من المفتاح المفصلي الجزيئي و الذي بإمكانه بدأ التعبير الجيني عندما يتم التعرف عليه من طرف الحمض الريبوزي النووي ARN و من طرف بروتين مختص متداخل معه يسمى "عامل سيغما"). و هذه المحفزات تعرف ب "الصنف 1" و "الصنف 2" و "الصنف 3" و نسخها التسلسلي مرتبط بعملية التركيب السوطي. فالصنف 1 يحوي جينين اثنين في مشغل واحد (يسميانFlhD  و FlhC). و الصنف 2 يحوي 35 جين موزع على ثمانية مشغلات (بما في ذلك الجينات المسؤولة عن تجميع الخطاف بالجسم القاعدي و بعناصر سوطية أخرى بالإضافة إلى جهاز التصدير و جينين اثنين آخرين منظِّمين يسميان "FliA" و "FlgM"). أما الجينات الأخرى المسؤولة عن تشكل الليف فيتم التحكم فيها من خلال محفزات الصنف الثالث.

محفز الصنف 1 يسوق التعبير عن المنظم الرئيسي (خاص بالبكتيريا المعوية التي تنتمي إليها السالمونيلا) المسمى "FldH4C2" (لا تقلق بشأن تذكره) و حينما يبدأ بالعمل فالمنظم الرئيسي يعمل على محفزات الصنف 2 و يقوم بذلك بالاشتراك مع "عامل سيغما" σ70 (للتذكير فلقد أشرت من قبل أن "عامل سيغما" ل  ARN هو عبارة عن بروتين قادر على الترابط بشكل محدد مع المحفزات الجينية). فمحفزات الصنف 2 هي المسؤولة عن التعبير الجيني للوحدات الفرعية و للمنظمين للخطاف و للجسم القاعدي بالإضافة إلى عامل سيغما آخر يسمى σ28 (و الذي يشفر من قبل جين يسمى FliA) و عامل سيغما مضاد FlgM (كما يشير إليه اسمه فعامل سيغما مضاد يتحد مع عامل سيغما بهدف منع نشاط الاستنساخ). أما عامل σ28 فهو ضروري لتنشيط محفزات الصنف 3 و هنا بالضبط أين نجد أنفسنا في مشكل إذ لا يوجد أي معنى للبدء بتركيب مونومرات الفلاجلين قبل أن يتم تركيب الخطاف و الجسم القاعدي و بالتالي و بهدف كبح σ28 فعامل سيغما المضاد (FlgM) و الذي تمت الإشارة إليه سابقا فهو يكبح نشاطه و يمنعه و ذلك بالعمل على التفاعل الذي يتشكل مع الهولوأنزيم الموجود في ARN. و عندما يتم الإنتهاء من تشكل الخطاف و الجسم القاعدي فعامل سيغما المضاد  FlgM يتم إفرازه عبر البنيات السوطية التي تم إنتاجها من طرف جينات الصنف 2، و بعد ذلك و أخيرا فإن محفزات الصنف 3 (المسؤولة عن تعبير مونومرات الفلاجلين و عن الانجذاب الكيميائي و المحركات المولدة للقوة) يتم تشغيلها من طرف σ28 و يمكن الانتهاء من السوط.

لكن هذا يصبح أحسن بكثير، فنظام التصدير السوطي (الذي عن طريقه يتم حذف  FlgM من الخلية) لديه حالتين من نوعية الركائز (Substrate): ركائز من نوع القضيب/ الخطاف و ركائز من نوع الليف. فخلال عملية التجميع السوطي، فإن "مفتاح" نوعية الركيزة يجب أن يكون مدفوعا حتى يتغير من الحالة السابقة إلى النهائية. و البروتينات التي تشكل أجزاء من الخطاف و من القضيب يجب أن يتم تصديرها قبل تلك التي تشكل الليف. لكن، كيف يأخذ مكانه هذا التغير في نوعية الركيزة؟     

و العنصر الرئيسي في هذه العملية هو بروتين مرتبط بالغشاء يسمى FlhB. كما يوجد كذلك بروتين منظِّم لطول الخطاف يدعى FliK و الذي يقوم بالتأكد من أن طول الخطاف يوجد في القياس الصحيح (55 nm) و نفس البروتين مسؤول أيضا عن تغير نوعية ركيزة التصدير. و كما اتضح، فمن دون Flik ستفقد القدرة كليا على تغيير و تصدير الليف و على مراقبة طور الخطاف. فبروتين Flik لديه مجالين أساسيين: مجال N-terminal و مجال C-terminal فخلال تجميع الخطاف ف FliKN يعمل كجهاز استشعار جزيئي و يرسل معلومات حول طول الخطاف و عندما يَبلُغ هذا الأخير الطول الصحيح تنقل المعلومة ل FliKC و FliKCT و هو ما يفضي إلى تغير تركيبي و هذا بدوره يؤدي إلى ارتباط FliKCT ب FlhBC، و هذا الترابط يفضي إلى تغير تركيبي في FlhBC. و هذا ما يسبب تغير في نوعية الركيزة.  



فالتجميع السوطي يبدأ في الغشاء السيتوبلازمي ثم يتقدم عبر الحيز المحيط بالغشاء الهيولي ليمتد أخيرا خارج الخلية. فالسوط يتشكل أساسا من جزأين أساسيين اثنين: نظام الإفراز و البنية المحورية. و المكونات الأساسية للبنية المحورية هي FlgG للقضيب و FlgE للخطاف و Flic لليف و كلها تتجمع بمساعدة بروتين cap (FlgJ و FlgD و FliD على التوالي). و منها كلها يبقى فقط FliD عند طرف الليف في الناتج النهائي. هناك مكونات أخرى في البنية المحورية (تسمى FlgB و FlgC و FlgF) تصل القضيب و مركب الحلقات MS. فالخطاف و الليف يتصلون عبر FlgK و FlgL. عندما تثبت الحلقة C و القضيب C في الحلقة M في سطحها السيتوبلازمي فمركب الحلقات MS –الذي يعتبر الأساس البنيوي للجهاز- يمكنه البدأ بإفراز البروتينات السوطية.

فبنية القضيب تتشكل عبر طبقة البيبتيدو غليكان، لكن نموها لا يستطيع اجتياز الحاجز الفيزيائي المقدم من طرف الغشاء الخارجي دون أدنى مساعدة. لذلك فإن مركب الحلقات يحفر حفرة في الغشاء و هكذا يستطيع الخطاف النمو بفضل تنسيق FlgD حتى يبلغ الطول المحرج 55 nm. و الركائز التي تتشكل تتحول من وضع خطاف-قضيب إلى وضع فلاجيلين، و FlgD يمكن أن يستبدل بروتينات مرتبطة بالخطاف و الليف يستمر في تشكله. فمن دون البروتين  cap Fli Dفمونومرات الفلاجلين سوف تضيع و بالتالي فإن البروتين cap يعتبر ضروريا لكي تتم العملية.

تطور السوط انطلاقا من نظام الإفراز من النمط الثالث (TTSS) لا يعمل:

يمكن أن يفكر أحد ما أن الوصف المقدم أعلاه يمكن أن يكون أكثر من كاف للضرب بعرض الحائط التفاهات التي قدمها كين ميلر (Kenneth Miller) و آخرون إلا أن الوضع يزداد سوءا أكثر للتاريخ الدارويني. لماذا التخليق الحيوي للسوط بالضبط هو هكذا انضباطا و تناسقا؟ ليس فقط لأن متطلبات الطاقة تجعل من السوط نظاما جد مكلف و لكن لأن التعبير المبكر للبروتينات السوطية ربما يؤدي إلى استجابة مناعية قوية في النظام المستضيف و هو ما لا تود البكتيريا فعله.

ما المغزى من هذا الأمر من وجهة نظر تطورية؟ حسنا، فمونومرات الفلاجلين هي إلى حد ما محرضات سيتوكين قوية. إذا ما كنت أنت عبارة عن ييرسينيا (Yersinia) فبامتلاك نظام الإفراز من النمط الثالث فآخر شيء ستفعله هو إظهار بيبتيدات الفلاجلين للبلعميات الكبيرة. فشيء كهذا فلا شك من أنه سيكون ضارا للآليات المضادة للالتهابات الموجودة في الييرسينيا.

الخاتمة:

إن الوصف الذي قدمته أعلاه لم يمس سوى سطح هذا الموضوع الرائع من تكنولوجيا النانو (للمزيد من المعلومات انظر هنا). و بهدف الإيجاز فأنا لم أناقش بعد بخصوص عملية الانجذاب الكيميائي و عنصري نقل إشارة مجموعة الدوائر الكهربائية و التحويل الدوراني و قوة البروتون التي تؤدي إلى اشتغال السوط (لتفاصيل أكثر أنظر هنا). لكن بيت القصيد هنا هو أن نظرية الداروينية الحديثة- كما تفهم عادة- لم تعطي أي تفسير بخصوص أصل هذه الآلة الدافعة و المعقدة بشكل ملحوظ. ربما كما حدث مع التفسيرات الداروينية بخصوص العين و التي في البدء تبدوا أن بإمكانها إقناع المبتدئين الغير المتعودين على روائع الكيمياء الحيوية و على الأساسات الجزيئية للرؤية. و هكذا فسرعان ما تصير هذه التفسيرات الداروينية فارغة و غير مقنعة عند الأخذ بالاعتبار التفاصيل الجزيئية للنظام.  و عندما يجمع شخص بين التفاصيل المقدمة في الأعلى و بين العجز الكلي للداروينيون الجدد عن إنتاج طيات جديدة من البروتينات و مواقع جديدة من الاتحاد البروتيني-البروتيني، حينها يظهر السؤال التالي: هل يمكن لهذا النظام أن ينسج نفسه عن طريق تغيرات طفيفة و متوالية و عبر مراحل؟ فبما أن الاقتراح الأساسي للداروينية يخدع بقدرته المزعومة على إعطاء تفسير لوفرة البراهين الدالة على التصميم. ألا تبدي الآن عجزها الواضح عن دحض مسلمة التصميم المشار إليه من قبل كمقترح علمي واقعي و محترم؟ 

دوغلاس أكس (Douglas Axe) من المعهد البيولوجي (Biologic Institute) أظهر في بحث حديث قد تم نشره في مجلة Bio-complexity أن نموذج التضاعف الجيني و التوظيف يعمل فقط عندما تتطلب تغيرات صغيرة لاكتساب فائدة أو وظيفة جديدتين قابلتين للانتقاء. إذا كان الجين المضاعف محايدا (من حيث تكلفتها بالنسبة للكائن الحي) فالعدد الأقصى للطفرات الذي يتطلبه أي تجديد داخل مجموعة من البكتيريا فهو أكثر من ستة. و إذا كان الجين المضاعف ذو تكلفة سلبية بشكل طفيف فالعدد الأقصى سيتراجع حينها إلى اثنين أو أقل (دون إدراج الضعف نفسه).

يبدو أن السوط البكتيري يعتبر –ربما بشكل مذهل- تحديا حقيقيا للتطور الدرويني مثل ما كان عليه الحال منذ 1996 عندما ذكره بيهي لأول مرة في كتابه: "الصندوق الأسود لداروين".


التعريف بالكاتب:
جوناتهان ماكلاتشي (Jonathan McLatchie) حاصل على ماجستير البحوث في البيولوجيا التطورية و النظامية في جامعة كلاسكوو Glasgow. حاليا هو محرر موقع "التطور أخبار و نظرات"

تمت الترجمة من:

http://www.evolutionnews.org/2011/03/michael_behe_hasnt_been_refute044801.html.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق